مقالات
اقتصاد العالم ما بعد كورونا
الخميس , 04/06/2020 10:11:00 PM  
كَتَّبَ : ياسمين رجب
كتب / اسامةنصر
لا شك ان أزمة فيروس كورونا اصبحت ذات تأثير كبير على الاقتصاد العالمي زادت من حدة ومخاطره الاستثمار فى الفترة الاخيره وأدخل العالم في أجواء قاتمة لكنها لا تزال نارا غير ملموسة الأثر بشكل حقيقي حتى الان بسبب وقوعها في ظل نار أكبر وأكثر خطورة وهي خطر الموت الذي يتهدد ملايين البشر جراء انتشار الوباء القاتل .
إن خطر الأزمة الاقتصادية الهائلة المنتظرة مع انتهاء أزمة كورونا لا يزال مؤجلا أمام هول الخطر الداهم والأهم والأكثر هجومية وشراسة .. وهو خطر لم يجر التفكير فيه بشكل عميق يتناسب مع حجمه الحقيقي وأثره المتوقع لكن رأيا معتبرا حول العالم ينتهي إلى توقع تغير صورة العالم اقتصاديا بعد انتهاء موجة هذا الفيروس ويستند الى عدة عوامل ابرزها تذبذب اسواق النفط والذهب والركود الهائل فى قطاعات السياحه والطيران والنقل الى جانب تباطؤ عجلة الانتاج فى معظم الصناعات بسبب اجراءات الاغلاق الكلى او الجزئى التى اتخذتها معظم دول العالم لمواجهة تفشى فيروس كورونا
تحليلات عديدة صدرت عن مؤسسات اقتصادية كبرى نستعرض بعضها باكبر قدر من التبسيط والاختصار .
في الأسبوع الأول من شهر مارس الماضى صدرت دراسة تحليلية عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) .. وجدت أنّ الصدمة التي تتسبب بها كورونا ستؤدي إلى ركود في بعض الدول وستخفض النمو السنوي العالمي هذا العام إلى أقل من 2.5%. وفي أسوأ السيناريوهات قد نشهد عجزاً في الدخل العالمي بقيمة تريليوني دولار
ودعت الدراسة إلى وضع سياسات منسقة بين دول العالم لتجنب انهيار الاقتصاد العالمي مع توقع تكلفة بنحو تريليون دولار كنتيجة للتباطؤ الاقتصادي الذي ساهم فيروس كورونا في إثقاله وزيادة بطئه
توقعات أخرى من واحد من أكبر بنوك أميركا وهو "غولدمان ساكس" تحدثت عن انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي على مستوى العالم حوالى 1% في العام 2020 وهو ما يفوق معدل التراجع الاقتصادي الذي تسببت به الأزمة المالية العالمية في العام 2008
وتوقع البنك الكبير في منتصف مارس أن تضع سبل مواجهة أزمة كورونا قيوداً مادية على النشاط الاقتصادي بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ ما بعد الحرب العالمية الثانية
لقد تأثر الاقتصاد العالمي بحالة الإقفال شبه التام في الكثير من دول العالم وتحديداً ما أظهرته بيانات تراجع النشاط الصناعي في الصين بأكبر وتيرة في نحو 3 عقود خلال أول شهرين من العام الحالي بعد الشلل الذي سببه فيروس كورونا المستجد لثاني أكبر اقتصاد عالميا
وتتلاقى التوقعات السلبية لكل من "الأونكتاد" (أمم متحدة) و"غولدمان ساكس" (مصرف خاص) مع توقعات أكثر سوداوية لـ"فورين بوليسي" المجلة العالمية الرصينة التي تقول إن الاقتصاد العالمي دخل في حالة من الركود الشديد وأن الانكماش سيكون مفاجئاً وحادا بسبب تفشي كورونا متوقعة أن تكون الآثار مؤثرة لعقود قادمة
وتضيف إلى هذه التوقعات أنه لن يكون من السهل إعادة تشغيل اقتصاد عالمي حديث مترابط بعد انتهاء الأزمة وأن تعافي الاقتصاد سيبدأ عندما يستطيع مسؤولو الصحة أن يؤكدوا للناس أنه تم احتواء الفيروس وأن الحصانة من المرض الذي يسببه ازدادت مؤكدة أن التعافي لن يكون فوريا بل سيكون سريعا الى حد ما .
اللافت في توقعات "فورين بوليسي" تحديدا كان حديثها عن تغير "تضاريس الاقتصاد العالمي" بعد أزمة كورونا وأنها سوف "تسرع عملية إزالة العولمة وإلغاء التقارب وإعادة تعريف الإنتاج والاستهلاك في جميع أنحاء العالم
وفى هذا اشارة الى تفكك كيانات وتحالفات اقتصادية دولية حتى لو اثر ذلك على التحالفات السباسيه ولعل الاتحاد الاوربى المرشح الاول لذلك وبقوة
وتقود هذه التوقّعات إلى ترقب تغيرات تدخل إلى منظومة الاقتصاد العالمي وليس مجرد تغيرات في مراتب القوى الكبرى في المنظومة القديمة نفسها.
نحن نتحدث هنا عن عالم مختلف اقتصاديا قد يعيد الاعتبار إلى الإنتاج الوطني في مقابل الأنماط الموحّدة عالميا بل يعيد الاعتبار للإنتاج نفسه على حساب التداول الرقمي المنفصل عن الإنتاج
وعودة إلى الاقتصاد الحقيقي إذا جاز التعبير وميل اكبر للحماية الذاتية للدول دون الاعتماد او الارتباط بمنظومة دولية او اقليمية اقتصاديا .
أما من ناحية التأثيرات السياسية لهذا التغير المتوقع
فإن دورا أكبر منتظر للدولة في الاقتصاد وخصوصا في القطاعات الحيوية كالصحة وأسواق المال
ولعل واحدا من أكبر الدروس المستفادة من أزمة كورونا سيتعلّق بالأنظمة الصحية في دول العالم مع ثبوت تفوق الأنظمة الصحية التي تؤدي الدول فيها دوراً أساسيا في القطاع الصحي لناحية الملكية أو الإدارة على الأنظمة التي سلمت صحة مواطنيها للشركات الكبرى من القطاع الخاص والتي خافت في ظل الأزمة الحالية على أرباحها لتنهار النظم ويلقى الناس في ممرات المستشفيات.
المأمول هو عودة للدولة وعودة للاقتصاد ليخدم الناس اكثر من العوام لا الأقليات الغنية .. ربما هي استفاقة ليست صحية فحسب بل أيضا اقتصادية لتصحح الدرجة التي وصل إليها العالم من الافتراض والانفصال عن حقائق علم الاقتصاد الكلاسيكية.
مع الوضع فى الاعتبار حقائق تجلت اثناء مواجهة ازمة كورونا تحتاج للدراسه والبحث مثل التعليم والعمل من المنزل واستخدام وسائل التواصل فى العمل والبيع والشراء وخدمات التوصيل الى جانب امكانية تقليل التنقل والسفر واستخدام الوقود بدرجه كبيره
اخيرا ..
لقد شهدت الأزمة مقاربتين متناقضتين: مقاربة أميركية تعلي شأن الاقتصاد على الإنسان .. ومقاربة صينية _ خرجت بها الصين من الأزمة _ تعلي شأن الإنسان على الاقتصاد.
لقد كان معبراً ومؤثراً رد حاكم ولاية نيويورك أندريو كوومو على مواقف الرئيس الأميركي الداعية إلى استئناف العمل من أجل الاقتصاد حين قال: "لا تجوز المفاضلة بين الاقتصاد والأرواح" .
ترى كيف سيكون شكل العالم بعد كورونا .. هل سيتعلم البشر الدرس ام سينسى كل شىء بعد زوال المحنه ؟
تحياتى .