عرب
" صحفيو الحروب" يحكون تجاربهم من قلب المعارك وسط تزايد الاضطرابات والنزاعات.
الأربعاء , 05/02/2020 04:26:00 PM  
كَتَّبَ : محمد خيري
قبل ثلاثة أيام استيقظ الصحفي أحمد العميد على خبر إصابة صحفية "روسيا اليوم" وفاء شبروني بجروحِ بالغةِ في مدينة معرة النعمان السورية؛ إثر انفجار إحدى القذائف هناك، تلك الواقعة أعادت على ذهنه مواقف وأحداث لا حصر لها أثناء تغطيته للحروب في ليبيا والعراق وسوريا، استطاع وقتها الإفلات من براثن الموت في كل خطوة خطاها.
قبل خمس سنوات، لم يعد "العميد" من سفره الأول لتغطية الحرب التي اندلعت في ليبيا مثلما ذهب، إذ أنه حُمل بمفاهيم وملاحظات لا حصر لها من خلال تواجده في قلب المعارك، تلك التي جعلته يدرك "مفيش أيّ قصة في الدنيا تستحق أنك تغامر بحياتك.. سلامتك وأمانك الشخصي رقم واحد"، لذلك ما أن يصل إلى البلد التي عليه التواجد به يضع شروطه وطلباته "بطلب حراسة محايدة عشان تحميني وعشان أقدر أتحرك براحتي".
بالتزامن من التغيرات السريعة التي تشتعل في المنطقة العربية؛ من حروب ونزاعات وتظاهرات، يولي يوميًا مئات من مراسلي الحروب وجههم شطر تلك المناطق حيث ترتكز العيون، لرصد ما يحدث هناك من وجهة صحفية خالصة، وهو مثقلين بمهام عدة من بينها مسؤولية العودة سالمًا مُعافًا، كي يحكوا قصصهم للعالم، وهو ما حرص عليه العميد أثناء تغطية حرب الجيش العراقي مع داعش قبل أربع سنوات "لأن الوضع في العراق مختلف وصعب، كنت حريص تفصلني مسافة عن قوات الجيش 300م".
لدى صحفي جريدة الوطن علم كبير بالمتفجرات وأنواعها وفيما تستخدم ومتى تستخدم، لذلك اعتاد عدم لمس أيّ مخلفات متروكة بعد المعركة، كما أنه يتعمد تلمس الطرق الصلبة للوقوف والاستقرار عليها، حتى يبدأ عمله الصحفي "بعد تحرير الموصل وصلت عند المستشفى، أول حاجة عملتها سألت خبير المفرقعات هل المنطقة تم مسحها بالكامل ولالا"، ليتأكد بأنها خالية من الألغام "وتحسبًا بمشي على طرق الأسفلت"، وهو ما تسبب في نجاته؛ فيما وقعت إحدى صحفيات "السومرية نيوز" فريسة لها "لأنها مشيت على الرمل والتراب والمنطقة مكنتش اتمسحت بالكامل".
لتفادي تلك الحوادث محتملة الحدوث أثناء التغطية، لا بد أن يكون الصحفي على علم ودراية بتفاصيل وظروف البلد الذي سيكون به سواء كانت الجغرافية أو السياسية أو المناخية، ذاك الذي مكّن صحفية الحروب صفاء صالح من معرفة مداخل ومخارج المدن الليبية الوعرة التي دخلتها لتغطية ما يحدث هناك قبل ست سنوات "سنين كتير كنت بتابع أخبار ليبيا وكل ما يحدث فيها بحكم عملي كصحفية خارجي وبعد كدة تحقيقات"، الأمر الذي أكسبها مصادر عدة من الداخل، فضلًا عن إنقاذها من الوقوع في أسر إحدى الفصائل المتنازعة "لأني كنت عارفة هخرج وهدخل منين، فجريت ومشيت، لكن للأسف زميلي المصور معرفش".
الالتزام بتقاليد البلد وزيه من أهم الأشياء التي حرصت عليه صفاء أثناء تواجدها في اليمن، إذ أنها ارتدت الزي النسائي اليمني الذي سهل عليها الحركة والتجول في شوارع صنعاء بحرية، دون أن يشك أحد في أمرها "مرات الفيكسر بتاعي لبستني النقاب اليمني ومشيت به"، رغم أنها ليست منتقبة، وهو ما جعلها تحظى بإعجاب أحد مصادرها ما أن استأذنت منه خلعه أثناء محاورتها إياه "قولتله أنا مش منتقبة والجو كان حر جدًا فبستأذنك أرفعه.. لم يمانع إطلاقًا".
تصر صحفية المصري اليوم على ألاّ توطد علاقاتها بأيّ طرف من أطراف النزاع في البلد الذي تحل عليه، حتى تتمكن من إتمام مهمتها بشكل محايد ودون أيّ تدخلات، لذا خاطرت بحياتها وقت أن كانت بالعراق "لما رفضت أن أحد الأطراف هناك يملي عليّ شكل التغطية، رفضوا يطلعوا معايا وأنا داخلة على قرية أمير داعش، فده خلاني أقعد في الطريق ساعات بيتم تفتيشي في كل كمين بعدي عليه، والأمر وصل إن كنت هتخطف من أحد أتباع داعش"، فضلًا عن رفضها أيّ هدايا تقدم لها من قِبل أي مصدر.
يتفق الصحفيان على ضرورة أن يتمتع صحفي الحروب بمشاعر هادئة وقوية في آن معًا، حتى لا يُصاب بصدمة الحرب ما أن يبصر القتل والدمار في أرض المعركة، لذلك ينصحا صحفيي الحروب الجدد، بضرورة الترفيه عن أنفسهم ما أن يعودوا سالمين إلى أوطانهم "لازم الصحفي يفصل تماما، ويعمل كل الحاجات اللي بيحبها عشان ما يفضلش عايش بأشباح الحروب وما حدث فيها".